Search This Blog

Wednesday, November 24, 2010

السحر والشعوذة مابين الدين وعلم الخفة

السّحر والشعوذة مابينَ الدين وعِلم الخفة
حوار مع لاعب الخفّة السّوري العالمي عماد بيطار


        مقدمة للمحاور: الكاتب والموثق التاريخي معتصم فريد تقلا
        قد يبدو الحديث حول هذا الموضوع شيأً غريباً، لكنّ الغرابة، لا تكمن في الموضوع ذاتِهِ، بقدر ماتكمن في كيفية فهم الناس له، عبر كل هذا التاريخ الذي عاشته وما زالت تعيشه البشرية.
        ولماّ كان لموضوعنا هذا، بداية في زمن، كان لا بدّ لنا أن نعرف مفرداته انطلاقاً من تاريخة نشوئه، معرّجين على كيفية إختلاف النظرة الإنسانية له بتقدم العلم والوعي البشري، وذلك دون نسيان النظرة الدينية، التي تقود الجماعات البشرية، وكثيراً من الأحيان تتحكم بها.
        السحر:
        هو مفهومُ حدثٍ يقوم به إنسانٌ ما، بطريقة غير مألوفة ومعتادة، وفق ظروف وطرق خاصّة، تجعل ناظرَهُ يشعر بالذهول والإندهاش حيال ذلك، كأنّ الأمرَ حدثٌ يفوقُ الطبيعة، وله خاصيّة التأثير النفسي، التي كثيراً ماتضع المسحور أو المشاهد في حالة المسيطر عليه.
        الشعوذة:
        هي الحدث السحريّ ذاته، والذي يرتبط وجوده بوجود الأكاذيب التعبيريّة، التي تقود إلى تصديق ما يُقام به.
       
        الدين:
        هو المنظمة الإجتماعية، التي تقود الجماعات البشرية، بحركة تنظيمية، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمفاهيم الخُلقيّة، المدوّنة والمحدّدة في التشريع الديني ذاته، وفق التوصيات الإلهيّة، المعطاة من الإله الخالق للشعب، عبر أنبيائه، رسله، وخدامه من رجالات الدين.
        علم الخفة:
        هو علم يقوم على فهم ماهيّة الأشياء، وكيفيّة تطويع مايمكن منها، وفق حركات، فاعليّتها السرعة التشكيليّة والتطبيقيّة في ذات الآن، والتي تؤدي إلى التغير المُبتغى، االمرتكِز في  غايَتهِ على إثارة الدهشة الترفيهيّة، الباعثة الفرح والسرور في نفس المشاهد للحدث.    تاريخ السحر:
        أبحاثٌ علميّة كثيرة، قام بها العديد من الباحثين، في علم التاريخ البشري وسلوكياتِه. إحدى هذه السلوكيات ممارسة السحر والشعوذة، اللذان كانا صاحبا حضور قوي في الديانات القديمة، وقد تبنّاهما العديد، من رجالات الدين الكذبة من ذاك الحين، حتى يومنا هذا. وقد أدّت هذه الأبحاث للقول: أن تاريخية السحر ترجع إلى بداية الحياة البشرية، وخاصة بداية الديانات العابدة للظواهر الطبيعة، وذلك بسبب عدم إدراك الإنسان لها، ولاعتقاده أنها قوى كونية فاعلة ويمكن أن تغضب عليه فتبيده، فوجِب بذلك تجنب غضبها هذا، كي يحافظ على بقائه.
        ولما كان حضور السحر والشعوذة بهذه القوة في الطقوس الدينية، كان لابدّ لنا أن نذكر بعض هذه الديانات كي يكون موضعنا مُستوفىً بشكلٍ منهجي علمي صحيح. ومن أهمّها:
1- الوثنية اليونانيّة في أساطيرها وميثولوجيّاتها.
        2- المصرية القديمة، ديانة الفراعنة.
        3- الديانة البابلية.
        4- الديانة الزرادشتيّة.
        تجلّ فعل السحر هذا، في هذه الديانات، من خلال إستخدام نصوص دينية، كثيراً من الإحيان تكون غامضة، وغير واضحة المفهوم، يتوجه بها رجل الدين تجاه الإله ليطلب إمّا رضاه والبركة منه، أو مساعدته لمنحه الغلبة على أعدائه وإبادتهم من سطح الأرض.    هذه الطقوس السحرية لم تكن مجرّد كلمات أو نصوص فقط ، بل كانت إيقاعاً حركياً، وفق رتمٍ معيّن، مصحوباً بأصواتٍ موسيقيّةٍ، ك قرع الطبول، أو استخدام آلات موسيقية بسيطة مصنوعة من القصب والخشب. وكذلك لم يخلو طقص السحر هذا من الذبائح والبخور وهي الهدايا التي وجب تقديمها للإله كي يرضى على الشعب ويلبي المرتجى منه.
        قبول ما يسمّى بالسحر:
        قلنا: إن نشوء السحر كان ضمن الطقوس والعبادات الدينيّة، وهذا يعني تبني رجالات الدين ، أو العراّفين له. هذا في البدايات، أما بالنسبة لزمننا هذا، فقد رفضته الديانات التوحيديّة، اليهودية والمسيحية والإسلامية، ليقينها أنه باب للكذب والتضليل.
        لكن الحقيقة: أن هناك الكثير من رجالات الدين الكذبة الذين امتهنوا الدين لمصالح أو أهواء خاصة بهم. هؤلاء راحوا يستخدمون إما كتابة الحجب، والتعاويز والطلمسات، مع الناس الضعفاء، الجهلاء، القليلين الإيمان، الذين يريدون معرفة إن كان الله راضياً عليهم، أو من سرقهم، أو كان قد كتب لهم كتابةً، كي لا يسعدوا في حياتهم.
        ولكي نكون أصحاب حقائق في موضوعنا هذا، قمنا بالقاء مع شخصيّة سوريّةٍ عالمية، محترفة لعلم الخفة، الذي يطلق عليه، بحسب العرف الاجتماعي السحر. وذلك لكي نبيّن بشهادته أن ما من سحرٍ يوجد في العالم، وإنّما هناك ما يعرف بعلم الخفّة.
وقبل أن نورد ما تفضل وقاله الفنان العالمي، حول الموضوع هذا، سنورد سيرته لنتيح لكم التعرف عليه، كما تشرفنا نحن بمعرفته.
        لاعب الخفة عماد بيطار في سطور:
        هو عماد بن نايف بيطار. من مواليد حماه، 17/ 7/ 1965.نحاّت سوريّ، محترف في كيفيّة تطويع الرخام، حتّى جعله لوحةً فنيّةً، تُدهش ناظِرها.
        ميزته الإبداع الفني، لا في مجال نحت الرخام وحسب، بل في احتراف علمِ الخفة، الذي جعله، صاحبَ شهرةٍ عالميّةٍ، يتوقُ رؤيتَها، كلّ إنسانٍ يهوى المرحَ والسرور.
        عام 1989 جاء اليونان، وعمل كنحّات رخام، ولاعب خفة حتّى نهاية 2003. وفي بداية 2004، ترك حرفة النحت، ليتفرّغ كليّاً، كمحترف في ألعاب الخفة.
        حاصل على الجنسية اليونانيّة، إضافةً لجنسيّته السورية التي يفتخر ويعتز بها، واعتزازه هذا ليسَ مجرّد قولٍ فقط، بل فعل تُرجِمَ برفعِه العَلَم السوريّ، أثناء مشاركته في أولومبيّات ألعاب الخفة في اليونان، عام 2005، التي ضمّت أكثر من عشرين دولة عالميّة.
        رجُلٌ صاحب ثقافةٍ عاليةٍ، يمتاز بسرعة البديهة والمعرفة. رحاّلٌ، يمكننا تسميته مانِحَ السعادة، لذا استضافتهُ دولٌ كثيرة، كي يقدّم عروضَه فيها، وهكذا يَسعَد أبناؤها في أعماله الترفيهيّة. وإن أردنا القول: إنّه الرجل السوري الوحيد الذي زار العالم بأكمله، كان بإمكاننا الجزم بقولنا هذا.


       هذا الرجُل السوري، كانت له عدّة إستضافات في سوريّة،نذكر البعض منها:
        إستضافة في التلفزيون العربي السوري، المحطّة الفضائية والأرضيّة. كان على الهواء مباشرةً ليلة رأس السنة 2009- 2010.
        إستضافته محطّة الدنيا، وقامت قناة المشرق بإنتاج فلم وثائقي عن مهارته في علم الخفّة.
        شارك عام 2010، في مسرح إتحاد نقابات العمّال، في الشام، الميرديان.
        قدّم عدّت عروض في مجمّع أمانوس السياحي2007، وروتانا كفيّه في الشام2008.
          





       قدم عروضه ضمن فعّاليات مهرجان القلعة والوادي 2007، وكان أهمّ السادة الحضور، الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، والسيدة عقيلته وأولاده.
        وقد منحه الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهوريّة العربيّة السورية، شرف توقيعه، على العَلَم السوري، الذي استخدمه السيد بيطار، في أحد عروضه ذاك اليوم.
        ولكي لا أبقى في الحديث عنه فقط، لأنني قد إلتقيته وعرفته عن كثب، ولأنّ الحديث عنه لا ينتهي، سأتوقف عند هذا الحد، لأبيّنَ لكم خصوبةَ ورجاحةَ عقلِه في تناولِه موضوعنا وعدم إخفائهِ ما يتعلّق بكشف حقائق علم الخفة.
        الحوار:
        س1: حضرة الفنان عماد، برأيكم هل أنتم من  محترفي السحر أم لَعِبِ الخفّة؟
        ج: أنا لست بساحر، لأنه ليس من وجود للسحر في العالم، فأنا إذاً لاعب خفة، لأنّ ما أقوم به هو علم في كيفية الخدع البصرية، و الإيحائية.
        س2: إذاً لماذا يسموّنكم بلاعبي السحر، كما يقولون في المحطات التلفزيونيّة؟
        ج: الحقيقة: إن هذا التسمية ليست صحيحة، لأنّها كلمة استخدمت في الديانات الوثنية الكاذبة، وكذلك كانت ميزة من يدعون العرافة، ويمتهنون الغرائب. ولأن عملنا يعد غريب بالنسبة للناظر، فقد أُطلقت الكلمة علينا أيضاً، لكن في السنوات الأخيرة، صار هناك وعي لدى الناس، وصاروا عارفين أن ما هناك من سحر، خاصّة وأن كل مايقدم في عروضنا، يمكن معرفة كيفية حدوثه علميّاً، لأنه يقوم على فعل التجربة.
        أمّا بالنسبة لوسائل الإعلام، فقد تنبّهت لهذا الأمر، فمؤخّراً ما عادت تذكر كلمة الساحر، بل استعاضت عنها بعبارة لاعب الخفة(فلان). 
        س3: برأيكم كيف تعرّفون لنا علم الخفة؟
        ج: هو مهنة ترفيهيّة، تعتمد على استخدام مواد أوّليّة خاصّة، بطرق وتجارب علميّة، لها خاصيّة الخدعة البصرية، غايتها إثارة الدهشة، وبث السرور في نفوس المشاهدين.
        س4: كيف ينظر الناس مهنتَكم هذهِ؟
        ج: بشكلٍ عام، تعدُّ من المهن المحبّبة والمرغوبة من جميع الناس، على اختلاف مستوياتِهم وثقافاتِهم، لأنّهم ينظرونها كفسحةٍ فكريّة تمنحهم الغبطة والفرح.
        س5: برأيكم، ما الذي يدفع الناس لحضور هكذا عروض، بالإضافة للتسلية؟
        ج: توق الإنسان للبحث عن الغرائب.
        س6: حضرة السيد عماد، ماهو شعورُكم وأنتم على المسرح، مشاهِدينَ آلافَ الناسِ، الذين جائوا متابعين عروضَكُم؟
        ج: اسمح لي ياسيّد أن أقول لك: على خشبة المسرح، أعرف أنّي أسعد إنسانٍ على وجه الأرض، لأنّني هناك_ على خشبة المسرح_ أختَبِر مدى قدرتي ونجاحي، في تقديم السعادة والسرور للآخرين، وبحضورهم أعرف أنني نجحت، فترتقي سعادتي بسعادتهم من غبطة إلى غبطة وحبور.
        س7: برأيكم كيف يجب أن يكون لاعب الخفة على المسرح، وماهيا المزايا الواجب أن يتمتّع بها؟
        ج: يجب أن يكون ممثل بارع، سريع الحركة والبديهة. أمّا بالنسبة لمزاياه، السيطرة الكليّة على الذات، والتحكم في عيون الجمهور.  
        س8: سيّد عماد هل لَعِب الخفّة يلقى معارضة دينية؟ وهل صادَفَتكم ذات يوم؟
        ج: زماننا هذا زمن علم ومعرفة، والحمد لله أن أغلبيّة رجالات الدين من المتعلمين والمثقفين، وهذا، ما جعلهم يدركون حقيقة حرفتنا وعدم علاقتها بالدين، فسهُلَ انتشارها، في وسط علمي صحيح، يعتمد الحقائق التجريبيّة.
        لكن، هذا لا يمنع وجود بعض رجالات الدين الذين لايعرفون الحقائق الإيمانية ولا يفصلون ما بين الأعجوبة الإلهيّة، وعمل الخفّة. ولهذا الأمر احتمال واحد، ألا وهو الجهل.
فعلى سبيل المثال: كنت أقوم ببعض حركات الخفّة، كجعلِ مفتاحٍ يدورُ في راحةِ كفّي، أمام أحد رجالات الدين. الذي بدل أن يسألني ما هي أُسُس الحركة التي فعلت، راح يقرأ آيات من أجل إيقاف ما أقوم به. لأنّه حينما شاهد مافعلت ظنّ لجَهلهِ أنني من السحرة، أولائك الذين لا وجود لهم في الحقيقة. ويمكن مشاهدة هذا في اليوتيوب لأنّه حدثٌ مُصوّر.
        س9: برأيكم هل هناك أديان متبنّية لمَ يُسمّى بالسحر؟
        ج: أعتقد أنّه في زماننا هذا أغلبيّة الأديان تحرّم مثل هكذا كذب ودجل، لأنّه للتضليل الإيماني، ويهدف لإبعاد الناس عن عمل الصلاح، وإبقائهم خارج الحضرة الإلهيّة.
        أمّا بالنسبة للأديان التي تستخدم الدجل والشعوذة، فهي ليست أديان وإنّما منظمات إجتماعية ذات مصالح خاصّة ترتبط إرتباطً وثيقاً بالبقاء وإثبات الوجود.
        س10: عماد بيطار، لاعب الخفّة السوري العالمي، كيف يمكنكم أن تبيّنوا لنا، حقية موضوع لقائنا هذا، في جملٍ تضمينيّة؟
        ج: السحر والشعوذة، مفهومان لا وجود لهما في الحقيقة. فلو كانا حقييقيين، لكان بستطاعة السحرة، أن يحكمو العالم، ويسيطروا على جميع بنوكِهِ، ولكان كل شيء غير مستطاع، مستطاعاً لديهم.
        لعب الخفة، هو مهارة تقوم على حقائق علميّة ولها نظامها الأكاديمي.
        أرى في موضوعكم هذا دراسة ميدانيّة، حقيقيّة وهذا واضح من خلال اختياركم موضوع يرتبط ارتباطً وثيقاً بالسلوكيات الإجتماعيّة للبشر.
        أما بالنسبة لكيفيّة تناولكم الموضوع، فهذا أعجبني، لأنه يُتيحُ لقارئِهِ البحث والتفتيش في الكتب ومواقع الأنتريت، وبالتالي المساهمة الذاتية في كيفيّة فهم منهجية التثقيف الذاتي.
        س11: برأيكم ماذا قدّمت، أو تقدّم لكم هذه المهنة؟
        ج: محبّة الناس أوّلاً، إضافةً للتنشيط الذهني والإغناء المعرفي، والتعرف على شخصيّات ثقافيّة وفنيّة ورجالات أعمال.
        حضرة السيّد عماد بيطار المحترم، ختاماً نشكر قبولكم دعوتنا للحوار معكم، ورحابة صدركم، وطول بالكم على تساؤلاتٍنا، لكم منّا كلّ إحترامٍ وتقدير، على ما تفضلتم وقلتم، من حديث يدعم ويوضح موضوعنا هذا.
        للإطلاع:
        إن كان هناك، من يرغب بالتعرف أكثر على حضرة السيد عماد بيطار، وما كُتِب عَنه أورِدُ البعضَ من الروابِط الإلكترونية التي تحدّثت عنه:

  



No comments:

Post a Comment