Search This Blog

Sunday, September 4, 2011

الفنّانُ السوريّ مُصطفى علّوش



وُلِد عام 1962 في دمشق سوريّا.

        درسَ في كليّة الفنون الجميلة، في دمشقَ 1982- 1986، إختصاص نَحت.

        1990 إنتقلَ من دمشق إلى أثينا.

عضو إتحاد الفنّانيّين التشكيليّين في سوريا.

عضو إتحاد الفنّانين التشكيليّن اليونانيّين

عضو جامعيّ التحفالفنيّة في كِرَتسيني.

عضو مؤسّس لجمعيّة الفنون الجميلة في جزيرة سلمينا.

شارك في العديد من المعارض الجماعيّة:

إتحاد الفنون الجميلة في سوريا2004- 2005- 2006-2007.

جمعيّة الفنون الجميلة في جزيرة سلمينا2008- 2009- 2010.

مهرجان الفنون الجميلة في أثينا2010.

كان قد أقام معرضين في المركز الثقافي للشباب في جزيرة سَلمينا.

يعيش ويعمل في جزيرة سلمينا.

حوار مع الفنّان السوري مُصطفى علّوش. أجرى الحوار: الكاتب والموثق التاريخي، معتصم تقلا.

        أن يرسمَ الإنسانُ، أو أن ينحَتَ، هذا أمرٌ سهلٌ، لكن، أن يكوناَ فناناً مبدعاً في كِلا الأمرين، أمرٌ غايةٌ في الصعوبة. وما ميزةُ مُصطفىَ علّوش، إلاّ أنّهُ هذا الفنّان، الذي يُجيدُ إحترافيّةَ الرّسم والنّحتِ في الآن ذاتِه . وليس في عالمِ الألوان والمادّةِ النحتيّةِ وحسب، وإنّما في حوارِهِ مع الآخرين أيضاً. فإن جالَستَهُ، متبادِلاً حواراً معَهُ، ستعلَمُ حينَها، أنّهُ يقدّم لكَ لوحةً كلاميَّةً، سِحرُها جاذبِيّةُ مفرداتِها، وألوانُها ثقافةٌ عاليةٌ يمتلِكُها.

        يعيشُ الفنّانُ السوريُّ مُصطفىَ، في جزيرةِ سَلمينا، في اليونان، منذ أكثرَ من عشرينَ عاماً. هُناك، حيث يَحتضِنُ البحرُ جبالَ جزيرةِ سَلمينا، راسماً لوحةً طبيعيّةً، بهاءُ سِحرِها، عِناقُ الطبيعةِ، هناك إبتنى فنّانُنا مشغَلَهُ، وسَط حديقَةٍ، صارت مكاناً يحتضِنُ روائِعَ إبداعاتِهِ الفنيّة، وشاهداً حقيقيّاً على مسيرةِ الرهافةِ الحسيّة التي يتمتّع بها.


        فنّانون كُثر موجودون في العالم، لكن ما يميّز بين الواحِدِ والآخر، لا العَمل الفنيّ وحسب، بل تجسيد الإحساس والروح الفنيّة للفنّان وتضمينها في عملهِ الفنّني الذي ينتجهُ. هذا ما يظهرُ بشكلٍ يفوقُ الوضوحَ، في أعمالِ مصطفى علّوش، المستمدّة من عالم الذاكرة، التي ترجِعُهُ إلى ماضٍ لا يُنسى، يحمل عالم الحياة الإجتماعيّة والمحبّة والبساطة، وعشق العائلة، حيثُ تربّى وترعرعَ، في وطنِهِ الحبيب سوريّا.

        أثناء لقائي بالفنان السوري مُصطفى علّوش قلت له: أستاذ مصطفى، أعرف أن عالمَ الفنِّ، هو عالمٌ جميلٌ، لكن، هذا الجمال في الفن، أراهُ مختلفَ النسبةِ بين فنّانٍ وآخر، حتىّ ولو كان المشهد ذاته، فلماذا تتغير النسبة الجماليّة في الأعمال الفنيّة، بالرغم من أن اليد المبدعة هي ذاتها، على الأقل عند الفنان نفسه؟ فكان جوابه: الفنان يا صديقي، لا يأتي بأعمالهِ من عدم الوجود إلى الوجود، بل هو يجسّدُ عالمَهُ الذي مضى، والذي عاشَهُ، برؤيته للحاضر. هذهِ الرؤية تنقل إحساس الفنّان في تلك اللحظة، لحظة وجودِهِ في الواقعة المكانيّة والزمانيّة، وتجسّد شعورَهُ من خلال تضمينِه في العمل المحسوس المُنتجِ منَ الفنّان. فلو نظرت لوحاتي، لوجدت أن الألوان المستخدمةَ فيها، هي ألوانٌ قاتمة في نسبتِها، هذا ما لا أستطيع تغييره فيها، بالرغم من أنني أرسم بألوان فاتحة. وهذا لا يأتي من العبث، بل هو مرتبط بماضٍ معيّن في حياتي، كما هو عند كلّ فردٍ على سطح الأرض. لذلك تتعدّد وتختلف الشخصيّات، وبالتالي تتعدّد وتختلف الرؤية الجماليّة من فرد إلى آخر، وهذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمكان والزمان الذي عاش أو يعيش الفرد، ومدى تأثيره وإدراكه بمحيطه، المتغيّر وفق الحركة الزمانيّة.

        تابعتُ حديثي معه قائلاً: برأيكم ما هي أجمل لوحةٍ شاهدتموها، ولِمن؟ إبتسم مصطفى وقال لي متعجّباً: وهل هناك أجمل من الطبيعة يا صديقي! فهي لوحةٌ ومنحوتةٌ في الآنِ ذاتِهِ. ومن المفترض أنّك تعرف ذلك، وصاحبها هو الله الخالق المبدع عزّ وجل، وهو الوحيد الذي جاءَ بهذا العمَل الفنيّ منَ العدمِ إلى الوجود. وهذا هو العمل الفني الوحيد الذي يحقّق النسبة الجماليّة كاملةً، فالحسّ الجمالي في هذه اللوحة الإلهيّة يشعر به كل إنسان على سطح الأرض.

        وحالما أنها فنانُنا كلامَهُ، قلتُ له: تفضلتم وقلتم إنّ الله عزَّ وجلَّ هو أعظم فنّان، هذا ما يدفعني، لطلب رأيكم في نظرة الدين للفنّ، خاصّةً وأنّ الأديان تحرّم صنع التماثيل. أجاب مصطفى: قُلتَ صنع الثماثيل. الفنان لا يصنع تمثالاً وإنّما يحاول بأن يكون على صورة خالقه المبدع الأعظم، من خلال تجسيد رؤيته الفنية بعملٍ فنيّ لا يحمل صورة العبادة، بل يوضح بإحدى جوانبه الرؤية الجماليّة، والتي هي مُستمدّة من طبيعتنا البشريّة المخلوقة من الله. هذا تدركه الديانات، وتحترمه، كنتيجة لإِعمال العقل البشري الذي أكرمنا الخالق بامتلاكِهِ ، والذي يميّزنا كمخلوقات عاقلة عن سائر المخلوقات الأُخرى. وهكذا تكون الرؤية الدينيّة للفن، رؤيةً إيجابيّةً، خُلاصتُها تقبّل الفنّ والعمل الفنيّ بمختلف أنواعه.

سرّني السّرد الكلاميّ لمصطفى، فرحت أخوض بعبثيّةٍ كلاميّةٍ، بمواضيعَ مختلفةٍ في تضميناتها، طالباً بأسلوبي العبثيّ الإصغاء إلى كلّ كلمةٍ كانت تخرجُ من فمهِ، خاصّةً وأنها لم تكن بمجرّدِ جوابٍ أو حوارٍ حول ما أحاور، بل كانت كلّ كلمةٍ حكمةً إرشاديّةً، مضمونها غزارةٌ معرفيّةٌ وحداقةٌ عبقريّةٌ يمتلكُها فنانُنا. فبعبثيّتي قلتُ: جميلٌ هو الجمال. فقال: والأجمل، أن يرى الإنسان كلَّ شيءٍ بعيونٍ لا ترى سوى الحسن. قلت وما الحسن؟ قال: كلّ ما يستُر عَيباً ويكشف صلاحاً. قلتُ: وما الصّلاح؟ قال: كلّ ما هو نقيض للشر. قلتُ: وما الشر؟ قال: كلّ ما يقود الإنسان لأذيّة أخيه الإنسان، وكل ما يفسِدُ العلاقة ما بين الإنسان والطبيعة. تعجّبتُ قائلاً: وما دخل الطبيعة؟ قال: الإنسان يا صديقي هو كائِنٌ شعوريّ، ميزتُهُ استدراك المحيط، والمحيط هو كُلّ مرئيٍّ، والمرئيّ هو المستوعب المكانيّ للتحرّك الإنساني، فعدم محافظة الإنسان على مُستوعَبِه المكاني، وأي أذيّة لهذا المستَوعَب، هذا يعني خلق شرخٍ بين الإنسان والطبيعة. هذا الشرخ يعود على الإنسان بالضرر لا الشخصي وحسب،  بل الجماعي. هكذا تكون الإساءةُ إساءَةً للإنسانيّة بحدّ ذاتها.

        إفتكرت للحظةٍ قلب محاور الحوار مع فنّانِا، ذلكَ للمكسب الشخصي. فبينما هو يتكلّم، وبدون أن أنتظر، حتّى يُنهي كلامه، قلت: عفواً ماذا يعني لك اللّون؟ إبتسم بكلّ لطافةٍ وبدون أن يشير إلى أنّ الذي قمتُ به لم يكن بصحيح، أجابني قائلا: اللّون هو عنصر تجسيد الرؤية الحسيّة للفنان. وما كاد يلفظ كلمة الفنّان حتّى سألتُه متغالِظاً: أتحبّون مكان ولادتِكم؟ إبتسم أيضاً وقال: الإنسان الذي لا يحبّ مكان ولادتهِ ، لا يعرف ماذا يعني الحبّ، وليس بمقدرتِهِ أن يحبّ أيّ شيءٍ حولَهُ. قلت: وماذا تعني لكم سوريّا، البلد الذي ولدتم فيها؟ قال: سوريّا هي الدّم الذي يجري في عروقي. 

        ثقالتي هذهِ، لم تزعجُه، بالرغم من أنّني كنت أعرف بقرارة نفسي أنّ أسلوبي التحاوريّ هذا، هو أسلوبٌ ليس بمستلطفٍ، وبالرغم من ذلك، استخدمتُهُ متعمّداً علّني أرى وجهاً آخر لفنانِنا، لكن الفنان الحقيقي، هو الفنان الذي يملك وجهاً واحداً. هكذا كان فنّاننا مصطفى، صاحبَ وجهٍ واحدٍ ميزتُه البسمةُ الحقيقيّةُ النابعةُ من قلبٍ مفعمٍ بالإنسانيّة.

        وعن ما يميّز الفنان مصطفى علّوش كفنان، أريد القول بأنّه رسّام يجيد وبطريقةٍ تكاد لا تصدّق أن يرصد الحركات التعبيريّة الوجهيّة، بمختلف حالاتِها، وأن يجسدَها بلوحاتٍ هي ليست لوحاتٍ فنيّةٍ وحسب، بل هي كتاب سيكولوجيّ وجهيّ، أكاديميّ للأطباء النفسيّين، ولدارسي السيكولوجيا التعبيريّة.

        فنّاننا هو فنّان "الألف وجه" وهو يعدّ الآن معرضاً يحمل عنوان "ألف وجهٍ ووجهي" هذا وقد قام بتجسيد أكثر من ألف حركة وجهيّة، بنظرات تعبيريّة مختلفة.

        وختاماً لا أريد سرد المزيد من الحوار الذي دار مع فنّاننا السوريّ مصطفى علّوش، كي لا يبُان ذلك كإطراءٍ ومبالغة. بل سأكتفي بما كتبت، متمنيّاً للجميع أن يلتقوا ويتعرّفوا بهِ. كي ينهلوا من من نبع ثقافتِهِ الحكميّة والفنيّة، كما منّ عليّ الله بذلك.
بعض أعمال الفناّن السوريّ مُصطفى علّوش




        أتمنّى لفنّانِنا التوفيق في معرضِه، وأتمنىّ المزيد المزيد من عطاءاته الفنيّة الغنيّة، والمغنِية للتراث الفنّي.