منذ القِدم والمعتقدات الدينيّة تلعبُ دواّ أساسيّاً، في مستوى تقدّم المجتمعات وتطورها. فالشعائر والطقوس الدينية تفرض على المؤمنين بها أساليبَ عيشٍ، تحدد لهم سلوكهم وكيفية تعاملهم فيما بينهم، ومع الآخرينن الذين من غير معتقد.
وبما أنّ هذه الشعائر والطقوس لاتقوم إلاّ على وجود الجماعات، كما المجتمع، فإنّ تعددها واختلافها يعني وجود مجتمعات متعدّدة ومختلفة، في مستوى التعامل الإجتماعي، والتقدّم العلمي.
أوّلاً: دورها على صعيد العلاقات الإجتماعيّة:
لمّا كانت إجتماعيّة الإنسان مرتبطةً إرتباطاً وثيقاً بسلوكيّتِه، كان لابدّ لهذه السلوكيّة من أن تكون قائمةً على عدّة عواملٍ، منها ما هو نحنُ في صددِهِ، والذي لهُ دوراً أساسيّاً في تطوّر المجتمع.
وبما أنّ هذه الشعائر والطقوس تتشكّل بحسب المعتقدات الدينيّة المختلفة فإنها تشكّل أساليب سلوكيّة مختلفة باختلافها. فالعقيدة التي تقوم على وجود إله تتطلّب أن يقومَ المؤمنون بالتضرّع والصلاة لهذا الإله. وهذا بدوره يتتطلّب المكان والزمان. وكِلا الظرفين لا يحدثان خارج إطار المجتمع. ولأنّ المجتمع في عصرنا متعدد الجماعات يجب أن يستوعب كل هذه الإختلافات العقائديّة مع طقوسها وكل السلوكيّات الناتجة عن نظرة كل مُعتَقد تجاه الآخر. فالمُعتقِد الذي يَدين بوجود إله ينظر ذاك الذي لايَدين على أنّه خاطىء، ويجب إمّا هدايته، أو عدم التعامل معه، أو النظر إليه بالدونيّة. وذات الأمر يحدث ممن لايَدينون بإله تُجاه من هم يدينون بِه، فهم ينظرونَهم على أنّهم متخلّفين، جَهَلة ويجب إيقاف طقوسهم التي كثيراً ما تكون مصدر إزعاجٍ لهم حَسب مايَرون. هذا ناهيك عن التشددات العنصريّة في تطبيق الفروض والطقوس والتي تنشىء خلافاتٍ بين أفراد الجماعة الواحدة، والتي كثيراً من الأحيان تكون ذات مصالح شخصيّة هادفة، إمّا لسيادة الجماعة أو الفرد. وكلُّ هذا يخلق مجتمعاً غير مستقر. ونتيجةً لعدم الاستقراريّة يتولّد الخوف، الإضطراب، الكراهية، العدوانيّة، الإنطواء...إلخ. مما يؤدي إلى عدم وجود روابط إجتماعية بين إمّا الجماعات أو الأفراد. أي تفكّك إجتماعي.
ثانياً: دورها على صعيد التطوّر العلمي:
لا يقلّ الدور الذي تلعبه المعتقدات الدينيّة على صعيد التطوّر العلمي أهميّةً، عن دورها على صعيد العلاقات الإجتماعية. فهيا التي كانت وما تزال منذ بداية تشكلها وحتى الآن صاحبَة الدور الأكبر في، إما تقدّم العِلم، أو تراجعه.
فالعقيدة الفرعونية وعلى سيل المثال: كونها تدين بالبعث بعد الموت، كانت صاحبة التقدم العلمي في مجال الهندسة، علم الفلك والرياضيات، والطب.
فشيّدوا الأهرامات لتكون مسكنهم الأبدي، وابتكروا علم التحنيط ليحفظوا أجسادهم من الفناء وهكذا تسطيع الروح العودة إليها بعد الموت، فيخلدون إلى الأبد. وكلا الأمرين ما يزال شاهداً على صحة ذلك.
كذلك، لعِبت غالبيّة الديانات الوثنيّة في تطوير فن النحت، لتجسّد آلهتِها بأجمل المنحوتات، كما كان لها الدور في ابتكار الأبجديّة لتحفظ للأجيال القادِمة دينَهم. وهذان الأمران، كانا صاحبا الدور الأكبر في تقدّم العلم في مجال لغات التواصل بين الشعوب، وعلم الآثار.
هذا ناهيك عن الكثير، إن تابعنا قراءة آلاف المعتقدات الدينية التي كانت، والتي اندثرت، والموجودة في عصرنا، ومدى تأثيرها الإيجابي على التطور العلمي.
أمّا إذا أردنا أن نبحث في الدور السلبي: فسوف نصادف الكثير من المعوقات التي تضعها المعتقدات الدينية في طريق التقدّم العلمي. وخير مثالٍ على ذلك:
الإستنساخ ومعارضة الكثير من الأديان له.
وهب الأعضاء، ومعارضة الكثير من الأديان له.
زرع الأجنّة في أرحام الأمّهات، والمعارضة الدينية له.
عدم نقل الدّم من شخص إلى أخر محتاج علاجيّاً، والمعارضة الدينية له.
قتل بعض الفلاسفة، كالإمام الغزالي.
إحراق بعض العلماء، مثل كاليليه.
والكثير الكثير من هذا المثيل...إلخ.
ويبقى القول: أنّ المعتقد الديني هو سكينٌ ذوحدّين، فإما أن يكون للقتل، أو أن يكون
سكين جراحٍ من أجل الطبَابة.
أنا من الذين يعتقدون أنّ الإيمان لا يستقيم بلا عقل، الغباء_ وهو غير البساطة_ لا يوافق الإيمان، والجهل كذلك...
ReplyDelete