كثيراً ماتلعب العقيدة الدينيّة، دوراً أساسياً في السلوكيّات البشرية، تلك، التي تظهرُ خلال ليتورجيّة العبادة. فالتاريخ، كان ومازال، شاهداً حقيقيّاً على دَور العبادة، في تحديد مصير العديد من الديانات الوجوديّة. واحدة من هذه الديانات، هي المسيحيّة الأرثوذكسيّة، الممتدة في وجودها إلى ألفيّ عام، على وجه التقريب.
شَهِدت الأرثوذكسيّة عبر تاريخِها العديد من الإضطهادات. كونها تدين بإله واحد، مثلث الأقانيم، متساوي في الجوهر، مختلف القوى، وبإبنٍ متأنس"الأقنوم الثاني" صلب ومات وقام دائساً الموت، مانحاً العالم القيامة والغلبة على الجحيم.
هذا الإله، خالق السماء والأرض، كل مايرى وما لايرى، كاملٌ في محبّته، وعادلٌ في حكمِه. جاء بالعالم من العدم إلى الوجود. أرسل ابنه متأنساً، ليخلص العالم من عبودية الموت، وسَيدين العالمَ يوم القيامة، لأنّه ديان عادل.
إعتقادات المسيحيّة الأرثوذكسيّة هذه، دفعت بالعديد من أصحاب الإعتقادات الآخرى لمحاربتها. وراح نتيجةً لهذه المحاربة، العديد من المسيحيّين، الذين اعتبرتهم الكنيسة شهداءاً، لأنّهم ثبتوا في إيمانهم. وأقيل العديد من الشمامسة، الكهنة، رؤساء الكهنة، والبطاركة، والرهبان والراهبات، وقُتل بعضهم، ونفيَ البعض، وعذّب البعض الآخر أشدّ تعذيب.
لم تتوقف محاربة المعتقدات الأرثوذكسيّة عند حدٍّ معيّن، أو في وقت من الأوقات، بل استمرت عبر كل المسيرة التاريخية للأرثوذكسيّة، بطرق وأشكال مختلفة، كان أشهرها عدا التعذيب الجسدي، الفكر الفلسفي، الذي كان له تأثيراً كبيراً، أضلّ الكثير من العامة ورجالات الدين.
التأثيرات الفكرية والفلسفية، إضرّت الكنيسة الأرثوذكسيّة، عبر عصورٍ من مسيرتها، لعقد مجامع مسكونيّة، ناقشت كل ماهو دخيل فكري وفلسفي، على معتقداتها. كذلك، أوضحت وثبّتت العديد من العقائد الأرثوذكسيّة خلال فترات متفاوتة في تاريخها.
واحدة من أهم الأفكار الفلسفية، التي حاربتها الكنيسة الأرثوذكسية، هي القول: "بوحود مادة أوّلية، استخدمها الله في خلق العالم" حيث أن هذه المقولة تجعل الله في مرتبة صانع، وليس بخالقٍ جاءَ بالعالم من العدم إلى الوجود. هذا لاعتقاد عاد ليبصر الضوء من جديد، في مدينة حمص، في سوريا، حيث أن أحد الكهنة الأرثوذكس، يعلم منذ أكثر من 10 سنوات، متستّراً برداء مكتب التعليم الديني، "أن الله خَلقَ العالم من مادة وُجِدت والله" داعماً قوله هذا، بمَثلِ الفخاريّ، الذي يشكّلُ من الطين أشكالاً مختلفة ومتنوّعة. فالفخّاري لا يمكنه أن يصنعَ شيئاً من لا شيئ، وكذلك الله أيضاً.
أيضاً، لم يتوقف تعليم هذا الكاهن عند هذا الحد وحَسب، بل راحَ إلى أبعد من ذلك، ووصلت به الجرأة للقول: "أن الله لن يَدين العالم، وليس هناك يومَ دينونة، بل يوجد مايُدعى بيومِ الرّب. حيث أن هذا اليوم سيكون يوم القيامة. حينها، سيَدين أسباطُ إسرائيل العالمَ، وليسَ الربُّ من يدين، لأنّ الرب ليس بديّان.
وإن أردت تعلّم الكتاب المقدس على يده، يُذهلك شرحه، خاصّة؛ علاقة الله بالإنسان، التي يفسّرها على ضوء العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة. هذا ناهيك عن التفسيرات الخاصة، البعيدة كل البعد عن تعليم آباء الكنيسة الأرثوذكسيّة.
واحدٌ من الذين استمعوا لهذه التعاليم، كنت أنا "معتصم تقلا". لأن هذا الكاهن يأتي قريتي ليعلّم فيها، منذ أكثر من عشر سنوات. وهناك، وفي "قرية قطينة" كان لي عدم التشرف بسماع تعاليمه هذه. التي كثيراً ما ناقشته فيها، على أنها ضد تعاليم الكنيسة، والتي كان لي شرف تعلمها كعقيدة مسيحية آبائية في "جامعة البلمند، في معهد القديس يوحنّا الدمشقشي، في صرابلس، في لبنان". لكن ولسوء الحظ لم يتراجع هذا الكاهن عن تعاليمه هذه، وراح يحيك لي قصصاً غريبة عجيبة، تهدف لخلق عداوة بيني وبين راعي الأبرشية وذلك بغية إبعادي عن سلك الكهنوت، كي لا أمنع تعاليمه الهادفة إلى تدمير جيل الشباب بأفكاره الخاصة البعيدة عن التعاليم المسيحيّة، الصحيحة الهادفة إلى السلام والمحبة لا إلى البغض والكراهية. وللخبر تتمة في حينها.
No comments:
Post a Comment